لماذا وردت كلمة ( إبراهيم ) في سورة البقرة بدون ياء ، وفى باقي السور بالياء ؟

لماذا وردت كلمة ( إبراهيم ) في سورة البقرة بدون ياء ، وفى باقي سور القران الكريم بالياء ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا : 
جاءت كلمة ( إبراهيم ) في القرآن على شكلين من الرسم .
الأول : ( إبراهـم ) بدون ياء ، وهذا الرسم في سورة البقرة فقط ، وفي مصاحف العراق والشام فقط ، أما في باقي المصاحف فهي بالياء ، وعليها يكتب المغاربة مصاحفهم .
والثاني: ( إبراهيم ) بإثبات الياء ، وهذا في باقي سور القرآن .
وقد قرأ ابن عامر بخلف عن ابن ذكوان : ( إِبْرَاهَامَ ) بالألف في ثلاثة وثلاثين موضعا، خمسة عشر موضعا في البقرة ، وفي النساء ثلاثة مواضع ، وهي الأخير {ملة إبراهيم حنيفا}، {واتخذ الله إبراهيم خليلا}، {وأوحينا إلى إبراهيم}، وفي الأنعام موضع ، وهو الأخير {ملة إبراهيم حنيفا}، وفي التوبة موضعان ، وهما الأخيران {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه} ، و{إن إبراهيم لأواه}، وفي إبراهيم موضع {وإذ قال إبراهيم} ، وفي النحل موضعان {إن إبراهيم كان أمة}، و{ملة إبراهيم حنيفا}، وفي مريم ثلاثة مواضع {في الكتاب إبراهيم}، و{عن آلهتي يا إبراهيم}، {ومن ذرية إبراهيم}، وفي العنكبوت موضع، وهو الأخير {ولما جاءت رسلنا إبراهيم}، وفي الشورى موضع {وما وصينا به إبراهيم}، وفي الذاريات موضع {حديث ضيف إبراهيم}، وفي النجم موضع {وإبراهيم الذي وفى}، وفي الحديد موضع {نوحا وإبراهيم}، وفي الممتحنة موضع، وهو الأول {أسوة حسنة في إبراهيم}.
وقرأ بالياء في باقي المواضع .
وقرأ باقي القراء بالياء في جميع مواضع القرآن.
قال الأزهري : ومن قرأ : ( إبراهَامُ ) فهي لغة عِبْرانِية تركت على حالها ولم تُعَرَّب .
وقيل : إنهم كتبوا ما في البقرة بغير ياء ، فهذا يدل على أنه إبراهام ، وحذفت الألف من الخطّ ، كما حذفت من دراهم ، ونحو ذلك ، فيشبه أنّه قرأ إبراهام ، وما ثبت فيه مما يدلك على ذلك . وقد روي أنّه سُمع ابن الزبير يقرأ : ( صحف إبراهام ) [الأعلى/ 19] بألف .
انظر: "معاني القرآن" للأزهري (1/175) ، و"الحجة للقراء السبعة" لأبي علي الفارسي (2/226).
وقال أبو الحسن السلمي : " كان أهل الشام يقرؤون ( إبراهام ) بألف في مواضع دون مواضع ، ثم تركوا القراءة بالألف وقرؤوا جميع القرآن بالياء ، قال أبو علي : وهي لغة أهل الشام قديما ، كان قائلهم إذا لفظ إبراهيم في القرآن وغيره قال : إبراهام بألف ، وقال أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي : دخلت بعض قرى الشام ، فرأيت بعضهم يقول لبعض : يا إبراهام فاعتبرت ذلك فوجدتهم ما يعرفون غيره " .
انتهى من "إبراز المعاني من حرز الأماني" لأبي شامة (ص: 344).
وقال يزيد بن أبي مالك : " هو إبراهام وإبراهيم ، مثل يعقوب وإسرائيل " ، قال : وكان سعيد بن عبد العزيز يشتد في ترك ذلك ، قال أبو مسهر : وكان عبد الله بن عامر اليحصبي وعطية بن قيس يشتدان في ذلك أيضا ، قال أبو عبيد : يعني ألا يقرأ ( إبراهام ) في موضعه ، يقول : سمي باسمين كما سمي يعقوب وإسرائيل ، قال أبو عبيد : وتتبعت اسمه في المصاحف فوجدته كتب في البقرة خاصة إبراهم بغير ياء ". 
انتهى من " فضائل القرآن" للقاسم بن سلام (ص 295).
ثانيا : 
مع أن رسم المصحف العثماني : هو رسم توقيفي ، نقل على الهيئة التي كتبه بها الصحابة رضوان الله عليهم ، في المصحف العثماني "الأم" ؛ فقد اجتهد بعض أهل العلم في تلمس بعض العلل للمخالفة في رسم المصحف لهذه الكلمة في البقرة ، عن رسمها في بقية القرآن الكريم . 
فقيل في توجيه رسم ذلك :
أولا : 
لبيان أنها تُقرأ بالألف والياء . قال الإمام أبو داود سليمان بن نجاح الأندلسي : " ورسم كذلك - والله أعلم- لقراءتهم ذلك بألف بين الهاء والميم ".
انتهى من "مختصر التبيين لهجاء التنزيل" (2/ 206).
وقال الإمام السخاوي : وجه رسمه : التنبيه على قراءة ( إبراهام ) وحذف الألف منه اختصاراً . انتهى من "فتح الوصيد" للسخاوي (1/114).
ثانيا: 
لأن سورة البقرة معظمها يتكلم عن بني إسرائيل ، وقد كانوا ينطقونها ( إبراهام ) ، فهي كلمة عبرانية كما قال الأزهري ، فناسب ذلك كتابتها بدون ياء في هذه السورة .
ثالثا:
لأن ( إبراهيم وإبراهام ) لغتان (من لغات ست جاء) بهما القرآن الكريم، ( كجبريل وجبرائيل مثلا) وحذفت الألف في سورة البقرة لبيان ذلك .
رابعا :
لأنها كتبت في المصاحف الشامية بحذف الياء ، قال ابن الجزري في "النشر" (2/221): " ووجه خصوصية هذه المواضع أنها كتبت في المصاحف الشامية بحذف الياء منها خاصة ، وكذلك رأيتها في المصحف المدني وكتبت في بعضها في سورة البقرة خاصة " انتهى . 
وهذا الوجه في الواقع أقرب إلى رد ذلك إلى التوقيف ، منه إلى تعليل ما جاء به التوقيف .
والله أعلم.