عزم بقلبه على تطليق زوجته ، فهل يقع الطلاق بذلك ؟

السؤال:
أنا متزوج تقريبا من سنتين وليس لدي أطفال . . وأريد تطليق زوجتي لأسباب عدة ، فلا أستطيع إعطاءها حقوقها الزوجية ، ولا أخذ حقوقي الزوجية التي أحلها الله لي ، فعدم نظافتها الشخصية جعلني أنفر منها ، وحاولت معها أكثر من مرة ولكنها لم تتغير ، قبل أربعة أشهر أخذتها إلى بيت أهلها ، وكانت نيتي بأن كل شيء بيننا انتهى ، وذهبت خارج البلاد لإكمال ما تبقى من دراسة لي ، ولكن لم أخبرها بأن كل شيء بيننا انتهى ، وأنني سوف أقوم بتطليقها ، فقررت بعد رجوعي ، ولأن لها بعض الأغراض وبعض المال ، فحينما أرجع سوف أقوم بتطليقها ورجعت الآن . وهي الآن في بيت أهلها ، وكنت أصرف عليها بما أقدر عليه خلال الفترة الماضية . أريد فتواكم بهذا الشأن ، هل يعتبر الطلاق وقع بمجرد النية ، وكيف أقوم بتطليقها وأنا لا أعلم هل هي على طهر أم لا ، لأنها في بيت أهلها ؟ وماذا يجب علي أن أفعل ؟
الجواب :
الحمد لله 
أولا : 
لا يقع الطلاق بمجرد العزم عليه ، بل يشترط لوقوعه التلفظ والنطق به أو كتابته  .
وعليه ، فإن زوجتك ما زالت في عصمتك ما دمت لم تتلفظ بالطلاق أو تكتبه .
ثانيا : 
الذي ننصحك به أن تتهمل في أمر طلاق زوجك ولا تتسرع فيه , فإن الطلاق ليس بالأمر السهل الهين ؛ لما يترتب عليه من التباغض وهدم الأسر وتشتتها , وهذا أمر يفرح به الشيطان ؛ فقد روى مسلم (2813) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً ، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا . فَيَقُولُ : مَا صَنَعْتَ شَيْئًا ؟ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ . قَالَ : فَيُدْنِيهِ مِنْهُ ، وَيَقُولُ : نِعْمَ ، أَنْتَ ) . قَالَ الْأَعْمَشُ : أُرَاهُ قَالَ : فَيَلْتَزِمُهُ .
قال النووي رحمه الله : 
" قَوْله : ( فَيُدْنِيه مِنْهُ وَيَقُول : نِعْمَ أَنْتَ ) هِيَ ( نِعْمَ ) الْمَوْضُوعَة لِلْمَدْحِ ، فَيَمْدَحهُ لِإِعْجَابِهِ بِصُنْعِهِ , وَبُلُوغه الْغَايَة الَّتِي أَرَادَهَا . قَوْله : ( فَيَلْتَزِمهُ ) أَيْ : يَضُمّهُ إِلَى نَفْسه وَيُعَانِقهُ " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : 
" ولولا أن الحاجة داعية إلى الطلاق : لكان الدليل يقتضي تحريمه ، كما دلَّت عليه الآثار والأصول ، ولكن الله تعالى أباحه رحمة منه بعبادة ، لحاجتهم إليه أحياناً " انتهى من " مجموع الفتاوى " (32/89) .
ونذكرك بقول الله تعالى : ( فعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) النساء/19 .
فرغب الله الزوج الكاره لزوجته أن يمسكها وأن لا يطلقها ، ووعده على ذلك بالخير الكثير ، وذلك الخير الكثير يتنوع ، فقد يكون كثرة الثواب ، أو الذرية الصالحة منها ، أو أن الله يغير حالها إلى الأحسن ... وغير ذلك الكثير .
فإذا كان الأمر كذلك ؛ فالذي يتأكد هو التريث والتأني في أمر الطلاق .
وأما ما تشكو منه بشأن إهمالها في النظافة ، فهذا يمكن علاجه بكثرة النصح والإرشاد ، ويمكنك أن تستعين عليها في ذلك ببعض أهلها ونسائها ، لينصحوها بمثل ذلك .
وأول خطوات ذلك أن تردها إلى بيتك ، وتبدأ معها تلك التجربة والمحاولة الجديدة . 
فإن كان الأمر على ما ترجو ، وتغيرت حالها إلى ما تحب ، أو اجتهدت في ذلك قدر طاقتها ، فبها ونعمت ، والحمد لله . 
وإلا ، فأنت لم تخسر شيئا بذلك ، وبإمكانك عندئذ ، أن تعلم حالها حقيقة ، وتعرف حيضها من طهرها ، وهي في بيتك ، ثم أنت أبصر بأمرك ، وما يصلحك .
نسأل الله تعالى أن يصلح زوجتك وأن يجمع بينكما في خير .
والله أعلم .