زوجها لا ينجب فهل لها طلب الطلاق أو الخلع ؟

السؤال : أنا سيدة متزوجة من سبع سنين، أعيش فى امريكا مع زوجي. مشكلتي أن زوجي لا ينجب واجتمع الأطباء على ذلك بعد عدة محاولات فاشلة للتلقيح المجهري. ققرت أن أرضى بهذا القضاء وأسلم أمري لله مع عدم التوقف عن الدعاء و الاستغفار و لكن انا اشعر بملل فظيع حيث ان العمل فى امريكا للسيدات المحجبات ليس سهلا. فأنا لا ارعى طفلا ولا اعمل عملا وزوجى يعمل حوالى 10 ساعات يوميا.فى معظم الوقت اشعر انى ظالمة نفسى بالبقاء على هذا الحال وعلي أن أبحث عن زوج أخر حتى أكون أم أو حتى انزل بلدي حتى يكون من السهل أن أجد عمل يشغل وقتي، كذلك هذا هو رأي أهلي. ما رأى الدين؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
العقم أو عدم الإنجاب يعتبر عيبا عند بعض الفقهاء يعطي المرأة الحق في فسخ النكاح إن تزوجت غير عالمة به .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والصواب : أن العيب كل ما يفوت به مقصود النكاح، ولا شك أن من أهم مقاصد النكاح المتعة والخدمة والإنجاب ، فإذا وجد ما يمنعها فهو عيب ، وعلى هذا فلو وجدت الزوج عقيماً ، أو وجدها هي عقيمة فهو عيب " انتهى من "الشرح الممتع" (12/ 220).
فإن علمت الزوجة بالعيب بعد قبل النكاح أو بعده ورضيت به ، سقط حقها في الفسخ .
قال في "زاد المستقنع" : " ومن رضي بالعيب ، أو وجدت منه دلالته مع علمه فلا خيار له " انتهى .
ويظهر من سؤالك أنك رضيت بذلك واحتسبت الأجر .
ولهذا لو أردت مفارقة زوجك لم يكن أمامك إلا طلب الطلاق أو الخلع .
ثانيا :
إذا تضررت المرأة من بقائها بلا إنجاب ، وخشيت ألا تقوم بحق الزوج ، أو كرهت المقام ببلاد الكفر وخشيت على نفسها الفتنة وأبى زوجها الرجوع إلى بلاد الإسلام ، أبيح لها طلب الطلاق أو الخلع .
والأصل تحريم طلب الطلاق أو الخلع إلا لعذر ؛ لما روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : (إن المختلعات هن المنافقات) رواه الطبراني في الكبير (17/339) وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 1934)
ومما يدل على جواز الخلع عند خوف المرأة من كفران عشيرها وعدم القيام بحقه : ما روى البخاري (5273) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً) .
وعند ابن ماجه (2056) أنها قالت : (لا أطيقه بغضاً) صححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
ولهذا ينبغي أن تنظري في أمرك ، ولا تتعجلي طلب الطلاق أو الخلع إلا عند وجود المسوّغ لذلك من حصول الضرر وعدم احتمال العيش مع زوجك . وأما مجرد العقم فليس مسوغا ، وكم من امرأة صبرت على عقم زوجها حتى رزقهما الله تعالى من فضله ، ولو أن العقم كان من جهتك وأراد زوجك طلاقك أما كنت تشعرين بالألم وترين ذلك عدم وفاء .
وأما الفراغ فيمكن علاجه بوسائل كثيرة ، 
وأما العمل ، فلا ينبغي أن تحرصي عليه ما دمت مكفية بنفقة زوجك ، ومع ذلك فلو فتشت فيما حولك لأمكنك إيجاد عمل مناسب كتعليم أطفال المسلمين ، وتحفيظ القرآن ، والاشتغال بحرفة تمارس في البيت كالخياطة والتطريز والنقش والحناء وغير ذلك مما تحتاجه المسلمات في بلاد الغربة وغيرها .
والوصية لك أن تلتحقي بأحد المراكز الإسلامية ، وأن تختاري الصحبة الصالحة ، وأن تستعيني بها في إيجاد العمل المناسب ، وأن تشغلي وقتك بطلب العلم ، وحفظ القرآن الكريم ، وتحصيل الحسنات بما يمكن من الطرق المشروعة .
نسأل الله أن يلهمك رشدك ، وأن يقر عينك بالذرية الصالحة .
والله أعلم .